الّدعاءُ : يُنبتُ الغُصنَ الللّينَ في الصّخر العَصيّ ... !


*** علِمَ اللهُ - سبحانه - في عباده التّكاسل  عن كسب الخير بالدّعاء ... علِمَ فيهم التّردد في كسب النور والأجر والاستجابة علم فيهم الانشغال بطلب الحياة الدنيا عن الاستعانة بخالق هذه الحياة الدنيا  .... ؟! فاشار إلى القيمة العظيمة للدعاء في كتابه الكريم ... قالَ تعالى مُحرّضا ومشيرا إلى الغنائم : 
" والذينَ يقولون ربّنا هبْ لنا من أزواجنا وذرّياتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ واجعلنا للمُتّقين إماما 74) أولَئِكَ يُجْزَونَ الغُرفَةَ بما صبَرُوا ويُلّقَّونَ فيها تحيّةً وسلاما 75) خالدينَ فيها حسُنَتْ مُستَقرَّا ومُقاما 76) سورة الفُرقان 
لا إله إلاّ الله ... إن الله سبحانه يدفعنا دفعا لما هو يعود بالخير علينا - فهو الغنيّ الحميد - فالذين أشاد بهم ووصف أجرهم في الآيات السابقة دعوا بحفظ أزواجهم وذريأتهم أولا ثم دعوا الله أن يجعلهم إماما للمتقين ...أي طلبوا ثواب الدنيا أولا ثم طلبوا ثواب الآخرة - وكلّ ما طلبوه إنما كان لأنفسهم هم وهو خيرٌ يعود عليهم وحدهم ...  يعود عليهم هم ، لا ينالُ اللهُ منه شئٌ سبحانه - تنزه عن ذلك الغني الحميد - ، ومع ذلك أثابهم إثابة فائقة عظيمة : الغرفة في الجنّة والتّحية والسلام فيها ، أي أثابهم  الإكرام والأمن والخلود وحسن المستقر والمقام ...

 ما أروع سخاء الله  قبالة شحّنا على أنفسنا ... لا إله إلاّ الله 

**الدعاء لله أكثر خطرا ممّا نظنُ ، فهناك علاقةٌ في القرآن الكريم بين الدّعاء وتوحيد الله والتّصديق به - سبحانه - ولذلك ربط اللهُ تعالى في آيه الكريم بين دعائنا له وبين إقباله علينا ... واشترط  دعاءنا ليقبل علينا بوجهه ويرضى ... يقول سبحانه : 
" قُلْ لا يعبأُ بكم ربِّي لولا دعاؤكُم فقد كذَّبتُم فسوف يكونُ لِزاما " سورة الفرقان / الآية 77 

*** اللّهم إنّي أدعوكم باسمك العظيم الذي هو اللهُ الذي لا إله إلاَّ هو الواحدُ الأحد ، أو الذي هو اللهُ الذي لا إله إلاَّ هو الرحمنُ الرحيمُ أوالذي هو اللهُ الذي لا إلهَ إلاَّ هو ملكُ السماوات والأرض ... أو الذي أنزلته في كتابك ، أو علّمته أحداً من خلقكَ ، أو استأثرتً به في علم الغيبِ عندكَ ، والذي فيه سرُّك المكنون ، والذي تقولُ به للشئ كُنْ فيكون ، والذي تُخرجُ به الحيّ من الميّت ، والميَّتَ من الحيّ ، وتبعثُ به الأرضَ بعدَ موتِها ... أدعوك أنْ تُفرّج كربنا وتُزيل همَّنا ، وتقينا شرّ كلّ شرٍّ أنت آخذٌ بناصيته ، وترزقنا خيرَ كلّ خيرٍ أنتَ آخذٌ بناصيته ، وأن تقضي عنّا شرّ ما قضيت ... إنك على كلّ شئٍ قدير ... إنك الأقربُ إلينا من حبلِ الوريد ... وصلّى اللهم على نبيك محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ... 

*** اللّهم إنّي أسألك باسمكَ العظيم أنْ تجعل غنايَ في الحاجة إليك ، وجاهي في عبوديّتي لك ، وقوّتي في الخضوع لك ، ومهابتي في رهبتي منك ، ونوري في تسبيحي وحمدي وتنزيهي لك ياعظيم ... سبحانك

***قالَ أبو العلاءِ المعرّيّ : 
قالتْ ليَ النَّفسُ : إنِّي في أذىً وقَذىً
                        فقلتُ : صبراً ، وتسليماً ؛ كذا يجبُ 

ونقول : اللّهم أرِنا الحقّ حقَّا ، وارزقْنا اتّباعَه ، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنَابَهُ ... اللهّم إنّ ما بِنا من سوءٍ أو شرٍ فهو من أنفسنا وأعمالنا فاغفر لنا إنك الغفورُ الرحيم ، وما بنا من خيرٍ فهو منك - سبحانك - بيدك الخيرُ وإنّك على كل شئ قدير .


***  إلهي : إنّنا نتوجّهُ إليك في صلاة الاستخارة بقولنا :
 " فإنّك تعلم ولا نعلم ، وتقدر ، ولا نقدر " ... فبحقّ علمك الذي لا نصل إليه ولا نملُكه ... ، وبحقّ قدرتك اللامتناهية التي نلجأ إليها ونحتمي بحماها : كُن لنا القوة التي نجبر بها ضعفنا ، وأَفِض علينا من علمك بما يبرئُ جهلنا ، وبما يوصلنا إلى سناك ياعظيم .

** 
اللّهمّ افتَحُ مغَاليقَ قلبي لذكرك وشكرك وحسن عبادتك ... ، واشْرَح صدري لك ... ، وأرِني الحقَّ حقّا وارزُقنِي اتّباعَهُ ... ، وأَرِني الباطلَ باطِلاَ وارزُقنِي اجتنابَهُ ، واجْعَل هواي موافقاً لما أرسلتَ به رسولَك الكريم - عليه أفضل صلاتك وأحسنُ تسليمك - واجعَل أفضل لحظات عمري أوقاتِ عبادتِك وأفضلَ يومٍ لي يومَ لقاكَ ... واغْرِس في قلبي مهابَتك فأراكَ أعظمَ النَاظرين إليّ ... ؛ فأنتَ الجليلُ ... سبحانك ؛ لا قوة إلاّ بك .

***اللَّهمَّ يا مُنْبِتَ الغُصنِ اللّيِّنِ في الصَّخر العَصِّي ... أَوْجِدْ لنا مِن عُسرنا يُسراَ وفرِّج كَربَ بلادي وكربَ جميع بلادِ المُسلمين ، وامْنُنْ علينا برحمِتك وعفوك ، وتجاوزَ عمّا اجترحناهُ من سيئاتٍ تحولُ بيننا وبين غيثِ عفوك ورضاك  يا  أرحم الراحمين ... 

***اللَّهم إنّ لكَ عباداً في جميع بلاد المسلمين - يحتاجون نُصرتك وتأييدك وعونِك ... اللهم إنَّ لكَ عبادا مسلمين تكالَبتْ عليهُم الأممُ كما تتكالبُ الأكَلَةُ على قصعة الطّعامِ ، وها قد أصبحوا في أنامل الأكلةِ وفي أيديهم وأوشكوا أن يسقطوا في أفواهِهم؛ فأنزل عليهم عونَك بجنود يرونها ، وبجنود لا يرونها ياكريم ... اللّهم ارحمهم ؛ ففيهم من الرّكع السجود ، والمستغفرين بالأسحار ، والعُبّاد الأطهار ... الّلهم ارفع مقتك وغضبك عنّا وعنهم - وعن جميع المسلمين - ولا تُمكّن منَّا منْ لا يهابك ياعزيز الكبرياء ...

***   أردّدُ مع الشاعرُ المبتهلُ دعاءَهُ :
        إلهي ليسَ لي إلآَّكَ عوْنَاً 
                         فَكُنْ عَوني على هذا الزَّمانِ
       إلهي : ليسَ لي إلاَّكَ ذُخْراً
                          فَكُنْ ذُخْري إذا خَلَتِ اليَدانِ
      إلَهي ليسَ لي إلاَّك جاهاً 
                        فَكُنْ جَاهي وكُن حِصْنَ الأمانِ 
       إلهي ليسَ لي إلاّكَ حصناً
                           فَكُن حصنِي إذا رامٍ رماني 
      إلهي أنتَ تعلمُ ما بنفسي 
                          وتعــــلمُ ما يجيشُ بي جَناني
      فَهَبْ لي يارحيمُ رضاً وعفوا
                        إذا ما زَلَّ قلبــــي أو لســــاني 

                                ****

    بقلم : د. كاميليا عبد الفتاح 





تعليقات