" ديامس " مُغنّية " الراب " تُعلنُ إسلامها وتجدّدُ إيماننا ...!

 الاسم الحقيقي لـــ  ديامِس  : ميلاني جورجيادس Mélanie Georgiades ،وهي  من مواليد 1980م  ...  مغنية راب فرنسية يونانية قبرصية. انتقلت عائلتها إلى إيسون   (قرب باريس) سنة 1984م . 

** امتهنت أغاني الراب منذ سنة 1994م  في صفوف إحدى الفرق الشبابية الهاوية في إحدى ضواحي باريس و تحولت في ظرف بضع سنوات إلى واحدة من أبرز فنانات الراب بفرنسا  بشخصيتها الفنية القوية  وخصائص صوتها  الملائم  لمتطلبات هذا النوع من الغناء .

** عاشت " ديامس " حياةً فنية عريضة ... عاشت  الشهرة الواسعة والمال المتدفق وإشباع الموهبة ...

أشبعت " ديامس " غريزة حب الظهور- المنغرسة في كل إنسانٍ فينا بشكلٍ عام - ، والمنغرسة في صاحب كل موهبة بشكلٍ خاص ... بل وصلت إلى أقصى ما يطمحُ إليه الفنانُ، وهو : أن يصبح رمزا ومحلّ تقليدٍ وأن يكون له مريدون وتلامذة ومنتمون إلى مدرسته الفنية وأسلوبه في الحياة ...كانت مثار تقليدٍ من الشباب المعجب بألبوماتها ... أقبل عليها " متاعُ الغرور " ، بل أقبلت عليها الحياةُ متدفقة بمذاقاتٍ متنوّعة من متاعِ غرورها وفنونِ أسرِها للكيان البشري ... 

** ظلّت " ديامس " فترة من الزمن تعتقدُ في قدرة الــ " فنّ " على الشفاء الروحي ، وعلى إحداث التوازن في الحياة ما بين متطلبات المادة ومتطلبات النفس ... استطاعت أن تكتب كلمات أغانيها بنفسها وأن تبثُّ فيها مشكلات روحها ومعاناتها وموقفها من الحياة ...  حصلت على فرصة التّطهرالنفسي  من خلال الفن وأن تفوز بإحدى طاقاته ، وهي الطاقة الإفضائية العلاجية حيث يكون في هذه الحالة مصدرا للشكوى والرفض والغضب والمجابهة التعبير عن الحزن والحلم ...
** ورغم كلِّ ذلك كانت " ديامس "تعاني من الاضطرابات النفسية ومن نوبات الاكتئاب وكانت ترتادُ العياداتِ النفسية سرَّا وتخضع لأنواع مختلفة من الأدوية ... وكانت تشكو من افتقاد مذاق الحياة وانعدام الغاية والهدف وانعدام التوازن الكياني ... افتقاد السكينة والأمن والسلام ... افتقاد الرضا عن حياتها ... بل افتقاد الرضا عن عموم الحياة ...
وظلّت دِيامس لسنوات عدة تعيش مفارقة إنسانية مؤلمة ؛ فهي في عيونِ جمهورها المفتون بها تُعدُّ  مثالا وأسطورة فنيّة لأنها امتلكت الموهبة والشباب والجمال والمال والشهرة وقوة الشخصية والحضور الجماهيري ...وعلى صعيد آخر  ... على صعيد الحقيقة كانت ديامس تعيش مأساة البحث عن السلام ... بل مأساة افتقاد المعرفة بالدروب المؤدية للسلام ... كانت تعيش مأساة الشعور باللاجدوى واللاغاية واللامذاق واللا... حياة ...إلى حدّ أنها فكّرت في التخلّص من حياتها وتاقت نفسُها إلى الخلاص عن طريق الموت  ... تاركة كلّ ما تملك ... كل ما كان يظنّه الآخرون كنوزا أسطورية كفيلة باستحضار الشعور بالعيش في الجنة ...!



 *** وكان لابد من خاتمة ونهاية لما تعاني منه ديامس ... كان لابد من الوصول إلى ذروةٍ ما ... إما ذروة مأساوية أو ذروة للخلاص ...  و في أكتوبر 2009 كشفت مجلة باري ماتش، أن المغنية الفرنسية ديامس اعتنقت الإسلام وقررت ارتداء الحجاب، بعد زواجها من شاب مسلم يدعى عزيز و حولت اسمها إلى سكينة كما تحب أن تُلقب ...
** وحين طُلب من " ديامس " أن تفسر هذا التحول المفاجئ المُدهش للبعض ...والمثير لاستنكار البعض الآخر ...
بل  والمثير لغضب الأغلبية وتنديدهم بأسطورتهم  " ديامس " نفسها   - حين طُلب منها تعليقٌ تفسيري -  قالت " ديامس " : 

1- لم أجد الحل لوضعي ونفسيتي عند الأطباء ولكنني وجدته في الدين".»
الدين   ... 
وقالت : 
 "  كنتُ مشهورةً جدا ... وكان لديَّ كلُّ ما يبحثُ عنه أيُّ شخصٍ مشهور ... لكنني كنتُ أبكي بحرقةٍ وحدي في بيتي ، وعندما أنامُ ...  هذا هو ما لم يكن يشعر به المعُجبون بي " 
-  " تعاطيتُ الحبوبَ كثيراً ، ودخلتُ مصحَّاتٍ عقليةٍ أيضاً حتّى أستعيدَ عافيتي ... لكني لم أنجح ...! " 

**  ولمَّا سُئلت عن بوابة دخولها الإسلام واعتناقه ردّت الأمر إلى المصادفة   - بينما الأمر كان بتدبير الله العليّ القدير الذي أراد لها الهداية - حيث سمعت إحدى المسلمات تعلنُ ذهابها للصلاة فطلبت منها " ديامس " أن تصحبها  ... وكان ... ووصفت أوّل صلاةٍ لها بقولها : 

" كنتُ أولَ مرَّةٍ أضعُ جبيني على الأرضِ ... وشعرتُ بشعورٍ قويٍّ لم أشعر به من قبل وأعتقدُ الآنَ أنَّ السجود ووضع الجبهةِ على الأرضِ لا يجب أن يكونَ إلاَّ للهِ ... "  

وقالت : 

 عندما سجدتُ لله لأول مرة في حياتي أحسستُ بأن جبالا 

ثقيلة تتساقط من على كتفي ... " 

ثمَّ وصفت " ديامس " تدرّجها الإيماني وتجربة اطِّلاعها على القرآن الكريم ... قالت : 


" عندما فتحتُ القرآن تأكدتُ أن الله موجود .. "


أنا سعيدة ... عندي سعادة لا يمكن لأحد أن يسرقها ... وهي


 أني أحملُ في قلبي الإيمان ... "


*** وحين سألها محاوِرُها  في القناة التلفازية الفرنسية عن أثر 


تجربة إسلامها في شفائها من تعاطي الحبوب والاكتئاب 


والانهيار العصبي و... فاجأته وفاجأتنا بأنَّها قد وصلت إلى 


سقفٍ باذخ من الشفاء ، ومصافٍ عُليا من التّطهُّر لا تقف عند 


حدود الشفاء  من المرض ؛ فلقد شفي القلبُ ذاته من  صدئِه ... 


وشفيت الروحُ من ضلالها وإعتامها ... وشفي الكيانُ كُلُّه من 


انعدام الهدف وافتقاد الغاية والانتماء والقيمة في هذا الوجود...


 قالت " ديامس " تصف كلّ هذا في إيجازٍ مؤثر 


" لقد شفى هذا قلبي ... أعرفُ الآنَ ماذا أفعلُ فوق الأرضِ 


... أعرفُ  لماذا أنا هنا ... " 


أبرزت ديامس - في عبارتها السابقة قدرة  الإسلام على إحداثِ 


أثرين بالغين في الروح الإنسانية ، هما : 


1-  التَّطهّر والشفاء ( السلام والسكينة ) ... 


2 - وضع الروح على غاية وجودها في هذا الـــ ... وجود ... 


ديامِس تُعلنُ إسلامها وتعتنق الإسلام لأول مرة ... ويجب علينا 


أن نجدد إسلامنا معها ، ومع كلِّ من يكتشف روعة الإسلام 


وعظمته بعينٍ جديدة مندهشة مكتشفة لهذا الدين ، فالعينُ 


الجديدة لها نظرة جديدة تكتشف المدهش والمثير الذي ألفناه 


بحكم العادة ... والذي ربما افتقدنا الاندهاش به والإحساس 


بنفاسته وقيمته لأنه مألوف مُتاح ... 


أمّا " ديامس " وأمثالُها من أصحاب التجارب الإيمانية الصادقة 


وأصحاب الخبرات النفسية والروحية المجهدة في عالم المادة 


ومتاع الغرور فإنهم يمنحوننا فرصة تجديد الإيمان وكأننا نعلن 


إسلامنا من جديد حين نقرأُ وصفه بلسانهم ونتذوق أثره في 


قلوبهم وتخليصه لأرواحهم من مذاقات قاسية من العذاب ... 


*** مثل تجربة " ديامس " تجعلنا وكأننا نعاين تجربة إسلام 


واحدٍ من المسلمين الأوائل في عهد الرسول - صلى اللهُ عليه 


وسلم - مع فارقٍ في المناخ وتفاصيل التجربة وطبيعة الحياة 


ونوع التضحيات ... لكن الروح الإنساني واحدٌ في كل حال لأنه 


هذا الروح مخلوقٌ بيدِ خالقٍ واحد - سبحانه - وهذا الروح في 


كلّ عهدٍ - سواء أكان عهد  الرسول أم عهدنا نحن - وفي كل 


مكان - سواء أكان في جزيرة العرب أم في فرنسا مثل ديامس

 ... هو روح واحدة يُجهدها استنزاف العالم المادي ... 


ويشقيها 


الانفصال عن الغاية التي خلق الله سبحانه الوجودَ من أجلها ... 


هذه الروح تشقى إذا انفصلت عن خالقها وضلّت عن طاعته 


وعبادته ... وشقاؤها يبلغُ المدى مهما أُتخمت من متاع الغرور


... مادامت منبتّة الصلة بخالق هذا المتاع سبحانه 



إ*** إنّ منْ يرى ابتسامة " ديامس " وهي تُعلن إسلامها 


يوقنُ بصدقها وصدق سعادة روحها وخلاص هذه الروح من 


شقائها العجيب ... من يرى ابتسامة " ديامس " العذبة .


.. يوقنُ أنها عثرت على كنزها وأدركت نفاسته ... وأنها لن 


تفرّط في هذا الكنز مهما حدث ... ولقد وصفت هذا بقولها 


" عندي سعادةٌ لا يمكنُ لأحدٍ أنْ يسرقها وهي أني أحملُ في 


قلبي الإيمانَ ... ! 

هذه العبارة الأخيرة ... هذه العبارة الجليلة يجب أن  تكون 


رسالةٌ لنا جميعا وهدفاً حقيقيا نصلُ إليه وسقفاً إيمانيا نبلغُه 


في علاقتنا بالله ... في تقديرنا لهذا الدين ... في حرصنا عليه 



و في تقييمنا لهذه  الحياة ... 


                     ***************

بقلم : د. كاميليا عبد الفتاح 


تعليقات