الخلقُ من عدمٍ دليلُ قدرة اللهِ على البعث ...

** قصةُ إنكارِ الإنسان للبعثِ قصةٌ تتكرّرُ عبر التاريخ والأجيالِ المُتعاقبة ؛ حيث يظهرُ في كل جيلٍ من يُنكرُ البعث ، ويرفضُ الاعتراف به . 
وقد طرحَ القرآنُ الكريمُ هذه الإشكالية في مواضع عدّة من الآياتِ الكريمة ؛ حيثُ سجّل وقائع الإنكارِ ، وتفاصيله ، وسجّل الاستدلال الإلهي الذي يؤكدُ صدق البعث وحقيقة وقوعه  . 
* من ذلك قولُه تعالى في سورة " مريم " : 
" ويقولُ الإنسانُ إئذا مِتُّ لسوفَ أُخرجُ حيَّا 66) أوَ لا يذكرُ الإنسانُ أنَّا خلقناهُ من قبلُ ولم يكُ شيئاَ " 67) 
يستدلُ المولى - في الموضع السابق -  على حدوثِ البعثِ - بقدرته على خلق الإنسانِ من  العدم ؛ حيثُ لم يك شيئاً ؛ فالقدرةُ على الخلق من العدم  هي ذاتُها القدرة على بعث العدم وإحيائه وبعث الروح  فيه  من جديد ...! إنها ذات الخاصية الإلهية . 
هذا المنهجُ في الاستدلال على القدرة الإلهية نجدهُ في سورة يسِ في قوله تعالى : " أوَ لم يرَ الإنسانُ أنَّا خلقناهُ من  نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مٌبين77)  وضربَ لنا مثلاً ونسيَ خلقهُ قالَ من يُحيِي العظامَ وهي رميمٌ 78)  قُلْ يُحييها الذي أنشأها أوّل مرةٍ وهو  بكلِّ خلقٍ عليم 79)  الذي جعلَ لكم من  الشجرِ الأخضرِ ناراً فإذا أنتم  منهُ تُوقِدُون 80)   وهكذا يكونُ الخلقُ من لا شئ دالاًّ على قدرة الله على بعث الموتى . وقد اعتمدت الآيات على أسلوب السخرية حين أظهرت بدايات الإنسان ونشأته التي تتمثّل في " نطفة " ،كما أظهرت الآياتُ مدى المفارقة الفاجعة في تحوّل هذه النطفة إلى خصيمٍ مُبين ...
 كما أبرزَت الآياتُ  جحود هذا ال.. خصيمُ المبين -و حُمقه ، حين صوّرت غفلته عن أصول خلقه وكيفية نشأته من عدم  ، ثم تبجُّحه  وجداله الذي يؤكد  نسيانه  قدرة الله عليه ...   
كما ضرب الله المثل على قدرته  بالشجر الأخضر الذي يتحولُ - حين يحترقُ - إلى نارٍ حمراء تكون سببا من  أسبابِ الحياة والعيش .. 

***إن جدل الإنسان حول البعث ، ورغبته في إثبات بطلانه لا يبرّره إلا رغبة الإنسان - اللاواعية - في الهرب من الحساب ِ، والتّبعة ، والمساءلة ... وقد صوّر اللهُ - سبحانه - هذه الرغبة الباطنية  في الهرب في قوله في سورة القيامة : 
" بل يريدُ الإنسانُ لِيفجُر أمامَه5 )  يسألُ أيَّان يومُ القيامة6 )  


                   ******************

       بقلم د. كاميليا عبد الفتّاح    

تعليقات