ﻻ تهنوا وﻻ تحزنوا : درع الروح اﻹنسانية في مواجهة الحياة

 في كثير من اﻵيات القرآنية الكريمة  ينهانا  الله سبحانه عن أن نهنأ بالحياة الدنيا أو أن نحزن بها ، من ذلك قوله تعالى :  " وﻻ تهنوا وﻻ تحزنوا وأنتم اﻷعلونإن كنتم مؤمنين  "  اﻵية 39  سورة آل عمران ، وكذلك قوله تعالى :
 " وﻻ تمش في اﻷرض مرحا إنك لن تخرق اﻷرض ولن تبلغ الجبال طوﻻ  " اﻵية 37 سورة اﻹسراء
وإذا تأملنا في هذه اﻵيات - ومثلها  -  سنجد أنها تنهانا عن اﻻستغراق في شعورين : الهناء ، والحزن . وإذا ما استغرقنا في تكشف الحكمة من ذلك النهي سنجد الحكمة  الإلهية  جلية باهرة ، وهي  حماية النفس اﻹنسانية من اﻻستغراق في الحياة الدنيا والتعلق بها ؛ فالهناء واﻻستغراق في السعادة ارتكان إلى الحياة ، وكذلك الحزن ارتكان إليها ؛  ﻷنه أسف على نقصانها وحسرة على فواتها أو فوات شئ منها ، أو عدم استمرار مظاهر  إقبالها .
وهكذا يتضح في النهي عن اﻻستغراق في هذين الشعورين -  يتضح مدى رحمته  -سبحانه  - ومدى تلاؤم برنامج خلقه ، وانسجام منظومة منهاجه الإلهي ؛ إذ ينسجم نهيه عن شدة الهناء وشدة الحزن مع وصفه للحياة الدنيا بأنها مستقر ومتاع إلى حين ،؛ وهكذا يوطئ الله أرواحنا وينظم مشاعرها ويهذب انفعاﻻتها   بما يتناسب مع طبيعة الحياة الدنيا ، وبما تتطلبه هذه الحياة من سلوك وفعل وشعور ؛ فهي مؤقتة عابرة ﻻ يجب لساكنيها أن يركنوا إليها وإﻻ استوطنتهم التعاسة والشقاء نتيجة هذا التعارض بين طبيعتها وبين شعورهم بها ...!
وبعد: أليس القرآن من لدن عليم حكيم ؟ أليس داﻻ على عظمة حكمة الله ورحمته ؟ سبحانه جل في عﻻه ، ودل عليه كل شئ صنعته يداه .
         **********
        بقلم د. كاميليا عبد الفتاح

تعليقات