ما أنا بقارئ ......

 قال له جبريل اﻷمين : اقرأ ؛ فقال الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -     : ما أنا بقارئ ؛ فضمه ضمة قوية حتى ظن الرسول أن هذا هو الموت ، وأعاد عليه اﻷمر : اقرأ ؛ فقال رسولنا الكريم : ما أنا بقارئ ، وتكرر اﻷمر ثلاث مرات ، والرسول يعاني من ضمة جبريل -عليه السلام -  له ؛ حتى يحس أنه الموت ، وهكذا حتى  قرأ عليه جبريل سورة " العلق " :
"  اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق اﻹنسان من علق (2) اقرأ وربك اﻷكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم اﻹنسان ما لم يعلم (5) ..... " اﻵيات .
ما هي الصحيفة التي تم تكليف الرسول بقراءتها في هذه اﻵيات ؟ ماهو الكتاب الذي طلب جبريل من الرسول قراءته ؟
إذا تأملنا هذه السورة الكريمة الجليلة سنجد اﻵيات القرآنية تأمر الرسول الكريم بقراءة الأدلة التي تؤكد اﻷلوهية ، وتؤكد وحدانية المولى - سبحانه  - وقدرته على الخلق من عدم ( من العلق ) ، وتتصاعد هذه اﻷدلة حتى تصل إلى قدرة الله على  عقاب المنكر له ، الكافر به . أفهذه هي القراءة المطلوبة من الرسول - ومن المؤمنين من خلاله - ؟ أم أن المطلوب من المؤمن قراءة كل ما يمكن أن يوصل بإذن الله ، وباسم الله ، إلى إثبات وجود الله ؟ أعتقد أن هذا هو -والعلم لربي  -  أستشعر أن اﻵيات تحض على المعرفة والعلم ، شريطة أن يكون باسم الله ، وسعيا وراء اﻻطمئنان إلى وجود الله ؛ ومن هنا علينا أن نقرأ الكتب ، ونقرأ أنفسنا ونقرأ صحيفة الكون كلها سعيا وراء هذه الغاية الجلل .
ولقد أمر الله جبريل -عليه السلام  - أن يضم الرسول حتى يشعره بوشك الموت ، ثم يطلقه ، ثم يقرأ عليه اﻵيات ؟ فما هو المعنى الكامن وراء هذه الضمة التي تشعر باقتراب الموت ؟ هل أراد الله سبحانه أن يوصل إلى رسوله  رسالة ، مفادها : القراءة أو الموت ؟ أو بمعنى آخر : المعرفة أو الموت ؟ ! هل كانت ضمة جبريل ﻹشعاره بالسكينة واﻻئتناس فقط ؟
وما هي حكمة المولى في تنزيل القرآن الكريم  المعجز المبهر  منطقا ، وبيانا ، وفصاحة ، على رسول أمي ﻻ يقرأ وﻻ يكتب ؟
 أرى علاقة كبيرة بين هذا اﻷمر ، وبين  قوله تعالى في سورة العلق : " علم اﻹنسان ما لم يعلم   " ؛  إذ لولا النبوة والرسالة ما استطاع الرسول أن ينطق بشئ من العلم والبيان  ، بل إن الرسول لبث في قومه عمرا ما سمعوا منه شيئا مما يبدعه البشر من الشعر والنثر ؛ فما بالنا بالقرآن المعجز المبهر ؟
إن فعل القراءة في هذا الطرح الجليل في سورة العلق  له دلالة أعمق مما نتداوله حوله ؛ فهو فعل جليل ؛ لغاية أجل وأعظم ، هي الوصول لوجود الله ، لوجه الله ، لقبول الله لنا .... فهل  أنا ، وأنت .... ونحن قراء - بهذا المعنى -  ؟!
 أنا أول المقصرين  الأميين ...لم أقرأ بعد ما كلفنا الله بقراءته ... ما أنا بقارئ ....
               ***************    
                   
د. كاميليا عبد الفتاح 

تعليقات