الثقة في الله تستوجب عطاءه اﻹعجازي ....

يقول تعالى في سورة مريم : " كهيعص 1) ذكر رحمت ربك عبده زكريا 2 ) إذ نادى ربه نداء خفيا 3) قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا 4 ) وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 5 ) يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا 6 ) يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له سميا 7 ) قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا 8 ) قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا 9 )
** قدم الله - سبحانه - ذكر الرحمة في هذه اﻵيات الكريمة ، وجعلها سبب العطاء اﻹلهي المتناهي الذي سيمنحه لعبده زكريا - عليه السلام - هذه الرحمة ستسقبل دعاء زكريا ، وتستحيب له ؛ بمنحه معجزة تخالف المنطق البشري .
ساق المولى -  سبحانه - على لسان نبيه زكريا ، الموانع  التي تمنع من تحقيق أمنيته - في المنطق البشري لا في  المنطق اﻹلهي - هذه الموانع هي :
1- وهن العظم ...
2 - اشتعال الشيب في الرأس ...
3- الزوجة العاقر ....
كان وهن العظم هو أول هذه الموانع ...، وقد تكرر ذكره في اﻵية رقم 8 في قوله تعالى على لسان زكريا : ( وقد بلغت من الكبر عتيا ) ؛ و ( عتيا  )  مرحلة من علو السن ،؛تنحل فيها العظام وتبلغ درجة عالية من الهشاشة هي ذاتها ( وهن العظم )  وفي هذه المرحلة ﻻ يستطيع الرجل أن ينجب من زوجته ؛ فللعظام دور أساس في تكوين الجنين وتخلقه ، وقد ورد هذا في آيات كثيرة منها قوله - سبحانه -'يخرج من بين الصلب والترائب " ... إذن يبدو وهن العظم في حد ذاته سببا كافيا ليجعل حلم زكريا باﻷبوة محالا ...
السبب الثاني : الزوجة العاقر ... وهو أيضا كفيل بجعل أمنية النبي الكريم محالا ...
ما الذي دفع زكريا إلى مواجهة هذا المحال ؟ ومن أين جاءه اﻷمل بإمكانية التغلب عليه ؟ !
من سياق اﻵيات يتبين لنا أنه واجه هذا الحلم المحال بشئ واحد هو ثقته في ربه ، ثقته في عدم خذلان الله له ؛ ومن ثم فهو على يقين من استجابة دعائه بما فيه الخير له ( ولم أكن بدعائك رب شقيا  ) ...
الثقة المطلقة بالله ، والتسليم له كانت هي السلاح الذي واجه به  " زكريا " انعدام المنطق ، ومحالية الرجاء ...
ولذلك اتصفت استجابة الله له بصفتين :
السرعة ....( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى )
السخاء .....( ولم نجعل له سميا ) ...
اﻹعجاز وتخليد الإعجاز ؛ حيث كان خلق يحيى - عليه السلام - إعجازيا ، مخالفا للمنطق المألوف للبشر  في مسألة الخلق ، وقد ذكر الله سبحانه ذلك في قوله " قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا " ....
إن كل هذا العطاء اﻹلهي السخي انطلق من رحمة الله لعبده زكريا ... ، كل هذا العطاء اﻹعجازي انبعث من رحمة الله لزكريا مقابل شئ واحد من زكريا عليه السلام هو ::الثقة في ربه : الثقة في استجابته ، والثقة في أن عطاؤه خير لا يشقي سائله ...
اللهم ارزقنا يقين زكريا ، وإقبال قلبه عليك ...وتسليمه  لك ....وارزقنا رحمتك به وسخاءك في استجابتك له ...وتكريمك ذكره ...اللهم آاامين .


تعليقات