اﻹسلام عقيدة تستنفر العقل وتحرضه ....

يعلمنا الله سبحانه آداب الجدل واقناع ، وآداب الحوار مع المتعارضين معنا في الرأي والعقيدة . يعلمنا الله هذا من خلال استناد كتابه الكريم - في الكثير من مواضعه -على أسلوب اﻻستدلال المنطقي مع المخالفين المشككين ...بل والمنكرين والمعطلين أيضا ...
** وتعتبر مسألة البعث بعد الموت على رأس المسائل الغيبية المثيرة لجدل المتشككين والملحدين معا ...ولذلك تبدو وكأنها قضية تمحص المؤمن من الكافر ؛ فالمؤمن يؤمن بالبعث ويوقن به بقلبه وحدسه الروحي وعقله الذي صار بصيرة هادية بالتدبر والتأمل ...
أما الكافر المنكر فهو ﻻ يستقبل هذه المسألة وغيرها من الغيبيات إلا بعقل جاف غليظ متكبر ، عقل أحمق يظن أنه قادر على اﻹحاطة بما يرى وما لا يرى ...وأنه يعلم و يدرك ما ظهر وما بطن ..
ورغم ذلك يجادل المولى -  سبحانه - هذا الكافر المنكر، ويغريه باليقين من خلال أسلوب الاستدلال المنطقي ...
يقول تعالى في سورة مريم :
" ويقول اﻹنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا 66 ) أو لا يذكر اﻹنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا 67 )
لقد استدل الله سبحانه على وقوع البعث بقدرته على الخلق من عدم .. واستدل على الجهل الحالي لﻹنسان بجهله الماضي ؛ فقد جهل اﻹنسان كيفية خلقه منةعدم ، وهاهو يبرز جهله بكيفية البعث بعد الموت .
وفي سورة "يس  " يعتمد طرح اﻵيات لهذه المسألة على هذا الاستدلال المنطقي الذي يبرز جهل المتطاولين المنكرين .. ويبرز مدى محدودية عقولهم وعجزها عن الربط بين اﻷحداث المتشابهة ..والوصول إلى الحقائق بالتدبر ...
يقول تعالى :
" وضرب لنا مثلا ونسي خلقه   قال من يحيي العظام وهي رميم  78)  قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم  79)  الذي جعل لكم من الشجر اﻷخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون80)   أو ليس الذي خلق السموات واﻷرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم  81) إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون82 )
 فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون 83 )
تتدرج اﻷدلة الدالة على قدرة الله على البعث واﻹحياء في هذه اﻵيات الكريمة ...تتدرج تصاعديا على النحو التالي :
1- الاستدلال بفدرة الله على خلق اﻹنسان من عدم ..، وهي قدرة دالة على ما يشبهها أي دالة على قدرة الله على بعث الموتى وإحيائهم ...
2- قدرة الله في خلق بعض اﻷشياء التي تكون سببا للموت وسببا للحياة في الوقت ذاته ، مثل الشجر اﻷخضر ؛ والذي هو مصدر للجمال والحياة ، ومصدر للنار التي عي بدورها منبع دفء ، و سببا كامنا للموت .
3- الاستدلال بخلق الله للموجودات اﻷشد من اﻹنسان في خلقها وتكوينها واﻷكثر تأكيدا لعظمة الله ، وهي السماوات واﻷرض ...بكل ما فيهما من أسباب الموت وأسباب الحياة ...
إن الله سبحانه يعلمنا الاعتداد بالعقل اﻹنساني ..ويحرضنا على جداله ومحاورته ومناظرته إيقاظا لقواه .. ومحاولة في هدايته ... أو إثبات الحجة عليه ...
إنه دين الفطرة نعم كما نقول دائما ؛ فهو يوافق الفطرة ويناسب حاجاتها ..لكنه أيضا دين ابعقل ﻷنه يشبع العقل اﻹنساني ويجيب على كل ما يدور فيه منةدقائق ؛ بما يحمي هذا العقل من اﻷوهام و الضلال والتعلق بالغوامض ....
******
   بقلم : د. كاميليا عبد الفتاح 

تعليقات