العبوديةُ لله آفاقٌ للحرية ....



**  إنًَّ العبوديّة للهِ - سبحانه -  هي أفقُ الحريّة الوحيد للإنسانِ ؛ لأنَّ العبودية لله تتطلّبُ تدبُّر الكونِ وتأمّله ، والتفكّر في النفس وفي الموجودات ، وصولاً إلى التفكّر في الذات الإلهية ...كما أنّ العبودية لله تتطلبُ الوعي والحكمة ، والمعرفة ، والعلم ...العلم على إطلاقه ، لا التعلّم المرتبط بمؤسساته وشهاداته وإجازاته ... 
العبوديةُ لله تتطلبُ القوة النفسيّة ، والشجاعة الروحية في مواجهة الخرافات والأساطير والتهاويم واللا معقول ...
العبوديةُ لله تتطلبُ عافية البدنِ التي تعينُ على أداء العبادة ، وعافية العقل التي تُعينُ عى فهم معنى الألوهية والربوبية ، ونفيهما عن غيرِ الله ...، وفي الوقت ذاته تؤدّي العبودية لله إلى هذه الألوان من العافية ...

**إنّ العبوديةَ لله حريةٌ وقوّة ، لأنّ العابد لله موقنٌ من أنّه في معيّة الله العظيم ؛ وأنّه في حمايته ، مستظلٌ بجاهه وسلطان ألوهيته ، مُنعّمٌ في رزقه ومِنحِهِ وعطاياه ، مُستغنٍ عن سواه ، آمنٌ من كل سوء يقدرُ عليه الثقلان ( الجنّ والإنس ) ...
يقولُ تعالى : " ومنْ يُطِع اللهَ ورسولَهُ ويخشى اللهَ ويتّقهِ فأُولئكَ همُ الفائزون " سورة النور / الآية رقم 52 ) 

**أمَّا العبودية لغيرِ اللهِ فهي الرقّ المُهين ؛ لأنّها خضوعٌ لمن لا يملكُ نفعاً ولا ضرَّا ...، وقد فصَّل الخطابُ الإلهيُّ القول في تبيانِ هذه التجارة الكاسدة ، وهذا المصير المؤلم الموجع ، وهذا الاختيار الأحمق لكلّ من كفرَ بالله وعبد من دونهِ آلهةً ...
يقولُ تعالى : 
" واتَّخَذوا من دونِ اللهِ آلهةً لا يخلِقُونَ شيئاً وهُم يُخلَقُون ولا يملكُونَ لأنفسِهم ضَرَّاً ولا نَفعا ولا يمْلكونَ موتاً ولا حياةً ولا نشورا " سورة الفُرقان / الآية رقم 3 
ما أعظم المعاني والقرائن التي تُبرزُها هذه الآيات الكريمة في إثباتِ الألوهية لله ، ونفيها عن سواه ...؛ لقد نَفتْ الآياتُ عن الألهةِ - التي يعبُدها الكافرُ من دونِ اللهِ -  قدراتٍ بعينِها ، وهذه القدراتُ هي خصائصُ الألوهية الحقّةُ وشروطُها ، وهي : 
- القدرةُ على الخلق ...
- القدرةُ على الضّر والنّفعِ 
- القدرةُ على الإحياء والإماتة / أي منح الحياة وسلبها .... 
إنّ هذه القدراتُ هي الفارقُ بين الخالقِ والمخلوق ، وهي مكمنُ عظمة اللهِ سبحانه
وخصائصهُ التي لاتكونُ لغيرهِ ...؛ ومنْ ثمّ فإنَّ منْ يعبُدهُ ويخلصُ في هذه العبادة مُستظلٌّ بالأمن في معيّة إلهٍ عظيمٍ ، ومُتحرّر من عبث التبعيّة لمن لا يملكُ له شيئا ، بل يزهقُ روحَهُ في عبوديةٍ لا تنتهي ولاتُجدي لأن مبعثَها الجهل والضعف والخوف ، ومصيرُها المزيدُ من الضعف والجهل والخوف ... 
اللهُ الواحدُ الأحدُ هو أفقُ الحريةُ الأمين الحنون المِعطاءُ الباذخ ...

*** بقلم : د. كاميليا عبد الفتّاح



 

تعليقات